جودي احمد
02-21-2018, 07:17 PM
https://www.kalimat1.com/vb/upload/2017/2195kalimat1.com.jpg
موضوع كامل عن معركة اليرموك
معركة اليرموك إحدى معركتين فاصلتين بين دولة الإسلام في القرن الأول الهجري وامبراطوريتي الروم والفرس، فكانت معركة القادسية الفاصلة بين المسلمين والفرس، وكانت اليرموك الفاصلة بينهم وبين الروم، فهي اليقظة التي أراحت بلاد الشام من الكابوس البيزنطي، وغادر بعدها هرقل قيصر الروم أنطاكية التي كانت عاصمة الروم في الشام إلى القسطنطينية، وقال: «أما الشام؛ فلا شام».
لم تكن وقعة اليرموك أول مصادمة بين المسلمين والروم، ففي السنة الثامنة للهجرة كانت غزوة مؤتة التي اجتمع فيها من الروم مئة ألف، ومعهم من العرب المتنصرة بالشام خمسون ألفاً، واستشهد فيها أمراء المسلمين الثلاثة: زيد بن حارثة وجعفر ابن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، فانحاز خالد بن الوليد بالمسلمين حتى عاد إلى المدينة، وقالوا: «يا رسول الله نحن الفرارون؟ فقال: بل أنتم الكرارون».
وفي السنة التاسعة للهجرة قدم تجار من الشام إلى المدينة، فأبلغوا المسلمين أن الروم جمعوا لهم أربعين ألفاً لغزوهم، فعزم الرسول على قتالهم فجمع ثلاثين ألفاً، وخرج بجيشه نحو الشام، فلما كان بتبوك علم أن خبر التجار غير صحيح، فبعث السرايا، وصالحه بعض أهل القرى التي كانت خاضعة للروم.
وحج رسول الله في السنة العاشرة حجة الوداع، وفي شهر صفر من السنة الحادية عشر، ضرب الرسول على الناس بعثاً إلى الشام، وأمّر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء من الأردن والداروم من فلسطين حيث استشهد أبوه، وراح الناس يتجهزون، فابتدئ في أواخر صفر رسول الله بوجعه الذي قُبض فيه، وفي الثاني من ربيع الأول قُبض، وأوصى قبل موته بإنفاذ بعث أسامة ودعا له، فلما قُبض أبدى أسامة تخوفه لأبي بكر من ارتداد العرب، وأشار بأن يؤخر الخروج، فقال أبو بكر: «والله لأن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله».
وكانت الردة، فبعث أبو بكر البعوث إليهم، فقاتلت المرتدين سنة إحدى عشرة وأوائل اثنتي عشرة، فلما فرغوا منهم بعث إلى العراق خالد بن الوليد لتحريرها، وحج أبو بكر في آخر السنة الثانية عشرة، فلما رجع من حجه إلى المدينة في أول السنة الثالثة عشرة انصرف همه إلى فتح بلاد الشام، فأرسل إلى عماله بندب الناس إلى الجهاد، ثم جيّش الجيوش ووجهها إليها، فكانت فتوحها ووقائعها التي كان أهمها اليرموك.
إن أوفى سرد لما جرى يوم اليرموك من الحوادث ما جاء في «فتوح الشام» المنسوب للواقدي، وذلك أن غيره اختزل الحديث، وسرد سيف بن عمر التميمي فيما نقل عنه الطبري حوادث فيها شيء من الطول غير أنه جعل الوقعة في السنة الثالثة عشرة في عهد أبي بكر، وأن نعي أبي بكر أتى المسلمين وهم في اليرموك، أما البلاذري فيذكر أن نعيه أتى والمسلمون بالياقوصة (وعند غيره الواقوصة)، وليست هذه عند البلاذري بوقعة اليرموك المشهورة، وقيل: بل جاء النعي والمسلمون محاصرون دمشق وأن كتاب عمر بن الخطاب قدم في أثناء الحصار، فأخفى أبو عبيدة الكتاب حتى كان الفتح. وقيل: بل وصل الكتاب إلى خالد، فأخفاه خشية أن يوهن ذلك من عضد المسلمين.
يذكر الطبري أنه لما عاد أبو بكر من الحج سنة 12هـ جهز الجيوش إلى الشام، فبعث عمرو بن العاص قبل فلسطين، فأخذ طريق المُعْرِقة على أيلة، وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجرّاح وشرحبيل بن حسنة، وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على البلقاء، وفي رواية عمر بن شبة أن أول لواء عقده أبو بكر كان لواء خالد بن سعيد بن العاص ثم عزله قبل أن يسير، وولى يزيد بن أبي سفيان.
وبلغ هرقل أمر جيوش المسلمين، فأعدَّ لهم جيوشه، فأرسل جيشاً نحو عمرو بن العاص بإمرة شقيقه (تذارق)، فقدم حتى نزل ثنية دمشق بأعلى فلسطين وجيشاً نحو يزيد وآخر نحو شرحبيل، وجيشاً نحو أبي عبيدة، فكتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له كثرة الروم، ويستمده في صفر من السنة الثالثة عشرة، فكتب أبو بكر عندئذ إلى خالد بن الوليد في العراق يحثه على أن يمد جيوش الشام بمن معه، وأن يستخلف المثنى بن حارثة الشيباني، وقطع خالد البادية بين قراقر من أرض العراق إلى سُوَى من أرض الشام في أقصر وقت، ووصل (سُوى) ليلاً، ثم صبّح أهلها، ثم أتى مرج راهط ـ وهو سهل شرقي دمشق قرب عذراء ـ وقد اجتمعت فيه غسَّان حين علمت به، فأغار عليهم، وسار حتى نزل على بصرى ـ وهي يومئذ قصبة حوران ـ فوجد عليها يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة وشرحبيل، فحاصروها حتى صالحت على الجزية، وجاءَهم صاحب أذرعات (درعا)، فصالحهم أيضاً.
ثم ساروا إلى فلسطين مدداً لعمرو ابن العاص، فعلمت الروم بذلك، فانكشف تذارق عن ثنية جلق إلى أجنادين وفيها القَبْقلار في جمع من الروم، وكان كبير قادة الروم في الشام، فلحقت بهم جيوش المسلمين، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وقُتل القَبْقَلار، ففرَّت الروم إلى فِحل وهي قرية في غور الأردن على الضفة الشرقية شمالي البحر الميت قرب مدينة بيسان، وكانت الوقعة يوم السبت لليلتين أو ثلاث ـ وقيل لاثنتي عشرة ليلة ـ بقيت من جمادى الأولى سنة 13هـ، واستشهد فيها جماعة من الصحابة.
لما بلغ هرقل انتصارات المسلمين راسل من تحت طاعته من الملوك، وجهز جموعاً كثيرة من الروم والأرمن وأهل الجزيرة ومن العرب المتنصِّرة، وقيل: مجموعهم مئة ألف، وقيل: مئتان، وقيل: مئتان وأربعون، وقيل غير ذلك، وأمر هرقل أمراءَه بالاجتماع وأن ينزلوا منزلاً واسع المُطَّرَد ضيق المهرب، ووعدهم بأن يُمدَّهم، فنزلوا عند الواقوصة على ضفة اليرموك، فصار واديه خندقاً لهم، وتقدَّم المسلمون فنزلوا بإزائهم، وكل أمير من أمراء المسلمين على جيشه، فأشار عليهم خالد أن يجتمعوا وأن يتناوبوا على الإمارة كل يوم واحد.
وطلب أن تكون له إمارتهم هذا اليوم فأقروه، فخرجت الروم في تعبية لم يرَ الراؤون مثلها قط، وخرج خالد في تعبية لم تعبِّها العرب قبل ذلك، فخرج في ستة وثلاثين كردوساً (الكردوس: الكتيبة) إلى الأربعين وقال: «إنّ عدوكم قد كَثُر وطغى، وليس من التعبية تعبية أكثر في رأي العين من الكراديس»، فجعل القلب كراديس بقيادة أبي عبيدة والميمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص، وفيها شرحبيل بن حسنة، وجعل الميسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان، وعلى كل كردوس قائد، وهؤلاء القادة يأتمرون بأمر قادة القلب والميسرة والميمنة، والقيادة العليا لخالد ابن الوليد الذي أمر عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي، وكانا على مجنبتي القلب أن ينشبا القتال، فأنشباه والتحم الجيشان، وفي أثناء القتال قدم بريد من المدينة، فتلقاه بعض الناس، فأخبرهم أن الأمداد قادمة، وإنما جاء بنعي أبي بكر وبتأمير أبي عبيدة بن الجراح وعزل خالد ليكون أحد الأمراء، فلما وصل إلى خالد أخبره بما قال للناس، فقال «أحسنت»، وجعل الكتاب في كنانته، وخاف أن ينتشر خبر وفاة أبي بكر، فيوهن من عزيمة الجند، وخرج أحد قادة الروم يقال له (جرجة) بين الصفّين وطلب لقاء خالد فلقيه وجرى بينهما حديث أسلم جرجة على أثره، ثم شارك في القتال إلى جانب المسلمين حتى قُتل، وتضعضع الروم، ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجالتهم، فلما رأى المسلمون خيل الروم توجهت للهرب أفرجوا لها، فتفرقت في البلاد، وأقبل خالد على رجالتهم، وكانوا ثمانين ألفاً، قد اقترنوا بالسلاسل، كل عشرة في سلسلة، فانهزموا نحو الخندق (الوادي)، فكان إذا هوى من خالف منهم يهوي معه الباقون، فتاهفت في الواقوصة مئة وعشرون ألفاً، الثمانون الذين اقترنوا بالسلاسل وأربعون سواهم، غير من قتل في المعركة،وكان منهم (تذارق). وقتل من المسلمين نحو ثلاثة آلاف، منهم عكرمة وعمرو بن عكرمة وسلم بن هشام المخزوميون، وعمرو وأبان ابنا سعيد بن العاص، وطليب بن عمير وهشام بن العاص، وغيرهم.
وذكر أن النساء قاتلن ذلك اليوم، وممن قاتلن جويرية بنت أبي سفيان، فأصيبت بعد قتال شديد، وأصيبت عين أبي سفيان يومئذ فيمن أصيبت أعينهم، وفي رواية سيف بن عمر عن أبي عثمان بن أسيد الغساني أنه شهد اليرموك ألف من أصحاب رسول الله فيهم نحو من مئة من أهل بدر، ومن السُنَّة التي سنَّ رسول الله بعد بدر أن تُقرأ سورة الجهاد عند اللقاء وهي الأنفال، ولم يزل الناس بعد ذلك على ذلك.
أما الواقدي فأورد كلاماً طويلاً، ذكر فيه أن هرقل كان عقد ألوية الجيوش لـ(قناطر) ملك الروس، وضم إليه الصقالبة والسلاف وغيرهم و لـ (جرجير) ملك عمورية، وضم إليه الروم وغيرهم وفيهم الذين تسلسلوا في اليرموك، ولـ(ديرجان) صاحب القسطنطينية، وضم إليه الإفرنج وغيرهم، ولـ(ماهان) ملك الأرمن، وجعله أميراً عاماً على الجيوش، وجعل جبلة بن الأيهم الغساني على ستين ألفاً من العرب المتنصِّرة مقدمة لجيش ماهان، وذكر أن وقعة اليرموك كانت في عدة أيام غير متواصلة، مع تفصيل ما جرى في كل يوم، وأفاد باحث عسكري مما ورد في «فتوح الشام» المنسوب للواقدي وما ورد في مصادر أخرى في كتاب له عن «خالد بن الوليد»، فوصف هذه المعركة وصفاً عسكرياً ممتعاً بعد أن زار ميدان المعركة وفحصها فحصاً دقيقاً، وتحدَّث عن سهل اليرموك ووادي نهر اليرموك ورافديه (وادي الرقّاد) و(وادي العلاّن) وشدة انحدارهما وخطورتهما، وذكر أن هنالك تلاًّ مهماً في سهل اليرموك يسيطر على المنطقة المحيطة به، وهو الذي صار يسمى (تل الجموع) إلى الجنوب الغربي من (نوى)، ورأى بناء على خبرته العسكرية وما ذكره الواقدي وغيره أن الوقعة حدثت سنة 15هـ، وأن ماهان وزَّع جيوشه أمام (وادي العلاّن)، فوضع في الميمنة جيش (جرجير)، وقد تسلسل رجاله بالسلاسل كل عشرة ، وكانوا من جهة اليرموك، وفي الميسرة جيش (قناطر)، وفي القلب جيشه من (الأرمن) وجيش (ديرجان)، وجعلهما بقيادة (ديرجان)، ولماهان القيادة العامة، ووزع الخيالة بالتساوي بينهما، وجعلها خلف المشاة (الرجالة)، وجعل جيش جبلة بن الأيهم في خط المواجهة، وجعل الجميع على ثلاثين صفاً.
وقد أرفق الباحث العسكري بحثه بثماني خرائط موضحاً فيها ترتيب الجيوش الإسلامية والرومية في الأيام التي حدثت فيها المعركة، وما كان في اليوم التالي للوقعة، وكيف لحق خالد مع فرقة من المسلمين بماهان ومن فرّ معه، فأدركوهم عند دمشق، فقتل ماهان، وبلغ هرقل ما أصابهم، ففر من أنطاكية إلى القسطنطينية، وقال: «أما الشام؛ فلا شام».
خاتمة عن معركة اليرموك
ثمة أمور تاريخية تتعلق بوقعة اليرموك، منها اختلاف المؤرخين في بعض الحوادث، كزمن وقعة اليرموك واستشهاد من استُشهد ووصول الكتاب بنبأ وفاة أبي بكر وعدد الجيوش وأسماء قادة الروم، كما أن مؤرخي الروم أغفلوا ذكر فتوح الشام إغفالاً شبه تام، فغابت أمورهم عند مؤرخي المسلمين.
ملخص معركة اليرموك باختصار :
معركة اليرموك كانت سنة(15هـ - 636 م) بين العرب المسلمين والإمبراطورية البيزنطية،تعتبر من أهم المعارك في تاريخ العالم لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، وآذنت لتقدم الإسلام السريع في بلاد الشام.
المعركة حدثت بعد وفاة الرسول عام 632م بأربع سنوات.
المعركة وقعت في في شمال الأردن بالقرب من نهر اليرموك
التاريخ : 20 أغسطس 636
الموقع : في شمال الأردن قرب نهر اليرموك
النتيجة : انتصار المسلمين
القوات البيزانطية :
غريغوري ،
ماهان ،
جبلة بن الأيهم ،
قناطير ،
قسطنطين ابن القيصر هرقل ودريجان و(تيودور شقيق القيصر
تقديرات عدد القوات : 240,000
الخسائر : 70-100 ألف
قوات المسلمين :
خالد بن الوليد
أبو عبيدة بن الجراح
يزيد بن أبي سفيان
شرحبيل بن حسنة،
عمرو بن العاص
قيس بن حبيرة
تقديرات عدد القوات 40,000
الخسائر : 4 آلاف
موضوع كامل عن معركة اليرموك
معركة اليرموك إحدى معركتين فاصلتين بين دولة الإسلام في القرن الأول الهجري وامبراطوريتي الروم والفرس، فكانت معركة القادسية الفاصلة بين المسلمين والفرس، وكانت اليرموك الفاصلة بينهم وبين الروم، فهي اليقظة التي أراحت بلاد الشام من الكابوس البيزنطي، وغادر بعدها هرقل قيصر الروم أنطاكية التي كانت عاصمة الروم في الشام إلى القسطنطينية، وقال: «أما الشام؛ فلا شام».
لم تكن وقعة اليرموك أول مصادمة بين المسلمين والروم، ففي السنة الثامنة للهجرة كانت غزوة مؤتة التي اجتمع فيها من الروم مئة ألف، ومعهم من العرب المتنصرة بالشام خمسون ألفاً، واستشهد فيها أمراء المسلمين الثلاثة: زيد بن حارثة وجعفر ابن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، فانحاز خالد بن الوليد بالمسلمين حتى عاد إلى المدينة، وقالوا: «يا رسول الله نحن الفرارون؟ فقال: بل أنتم الكرارون».
وفي السنة التاسعة للهجرة قدم تجار من الشام إلى المدينة، فأبلغوا المسلمين أن الروم جمعوا لهم أربعين ألفاً لغزوهم، فعزم الرسول على قتالهم فجمع ثلاثين ألفاً، وخرج بجيشه نحو الشام، فلما كان بتبوك علم أن خبر التجار غير صحيح، فبعث السرايا، وصالحه بعض أهل القرى التي كانت خاضعة للروم.
وحج رسول الله في السنة العاشرة حجة الوداع، وفي شهر صفر من السنة الحادية عشر، ضرب الرسول على الناس بعثاً إلى الشام، وأمّر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء من الأردن والداروم من فلسطين حيث استشهد أبوه، وراح الناس يتجهزون، فابتدئ في أواخر صفر رسول الله بوجعه الذي قُبض فيه، وفي الثاني من ربيع الأول قُبض، وأوصى قبل موته بإنفاذ بعث أسامة ودعا له، فلما قُبض أبدى أسامة تخوفه لأبي بكر من ارتداد العرب، وأشار بأن يؤخر الخروج، فقال أبو بكر: «والله لأن تخطفني الطير أحب إلي من أن أبدأ بشيء قبل أمر رسول الله».
وكانت الردة، فبعث أبو بكر البعوث إليهم، فقاتلت المرتدين سنة إحدى عشرة وأوائل اثنتي عشرة، فلما فرغوا منهم بعث إلى العراق خالد بن الوليد لتحريرها، وحج أبو بكر في آخر السنة الثانية عشرة، فلما رجع من حجه إلى المدينة في أول السنة الثالثة عشرة انصرف همه إلى فتح بلاد الشام، فأرسل إلى عماله بندب الناس إلى الجهاد، ثم جيّش الجيوش ووجهها إليها، فكانت فتوحها ووقائعها التي كان أهمها اليرموك.
إن أوفى سرد لما جرى يوم اليرموك من الحوادث ما جاء في «فتوح الشام» المنسوب للواقدي، وذلك أن غيره اختزل الحديث، وسرد سيف بن عمر التميمي فيما نقل عنه الطبري حوادث فيها شيء من الطول غير أنه جعل الوقعة في السنة الثالثة عشرة في عهد أبي بكر، وأن نعي أبي بكر أتى المسلمين وهم في اليرموك، أما البلاذري فيذكر أن نعيه أتى والمسلمون بالياقوصة (وعند غيره الواقوصة)، وليست هذه عند البلاذري بوقعة اليرموك المشهورة، وقيل: بل جاء النعي والمسلمون محاصرون دمشق وأن كتاب عمر بن الخطاب قدم في أثناء الحصار، فأخفى أبو عبيدة الكتاب حتى كان الفتح. وقيل: بل وصل الكتاب إلى خالد، فأخفاه خشية أن يوهن ذلك من عضد المسلمين.
يذكر الطبري أنه لما عاد أبو بكر من الحج سنة 12هـ جهز الجيوش إلى الشام، فبعث عمرو بن العاص قبل فلسطين، فأخذ طريق المُعْرِقة على أيلة، وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة بن الجرّاح وشرحبيل بن حسنة، وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على البلقاء، وفي رواية عمر بن شبة أن أول لواء عقده أبو بكر كان لواء خالد بن سعيد بن العاص ثم عزله قبل أن يسير، وولى يزيد بن أبي سفيان.
وبلغ هرقل أمر جيوش المسلمين، فأعدَّ لهم جيوشه، فأرسل جيشاً نحو عمرو بن العاص بإمرة شقيقه (تذارق)، فقدم حتى نزل ثنية دمشق بأعلى فلسطين وجيشاً نحو يزيد وآخر نحو شرحبيل، وجيشاً نحو أبي عبيدة، فكتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له كثرة الروم، ويستمده في صفر من السنة الثالثة عشرة، فكتب أبو بكر عندئذ إلى خالد بن الوليد في العراق يحثه على أن يمد جيوش الشام بمن معه، وأن يستخلف المثنى بن حارثة الشيباني، وقطع خالد البادية بين قراقر من أرض العراق إلى سُوَى من أرض الشام في أقصر وقت، ووصل (سُوى) ليلاً، ثم صبّح أهلها، ثم أتى مرج راهط ـ وهو سهل شرقي دمشق قرب عذراء ـ وقد اجتمعت فيه غسَّان حين علمت به، فأغار عليهم، وسار حتى نزل على بصرى ـ وهي يومئذ قصبة حوران ـ فوجد عليها يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة وشرحبيل، فحاصروها حتى صالحت على الجزية، وجاءَهم صاحب أذرعات (درعا)، فصالحهم أيضاً.
ثم ساروا إلى فلسطين مدداً لعمرو ابن العاص، فعلمت الروم بذلك، فانكشف تذارق عن ثنية جلق إلى أجنادين وفيها القَبْقلار في جمع من الروم، وكان كبير قادة الروم في الشام، فلحقت بهم جيوش المسلمين، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وقُتل القَبْقَلار، ففرَّت الروم إلى فِحل وهي قرية في غور الأردن على الضفة الشرقية شمالي البحر الميت قرب مدينة بيسان، وكانت الوقعة يوم السبت لليلتين أو ثلاث ـ وقيل لاثنتي عشرة ليلة ـ بقيت من جمادى الأولى سنة 13هـ، واستشهد فيها جماعة من الصحابة.
لما بلغ هرقل انتصارات المسلمين راسل من تحت طاعته من الملوك، وجهز جموعاً كثيرة من الروم والأرمن وأهل الجزيرة ومن العرب المتنصِّرة، وقيل: مجموعهم مئة ألف، وقيل: مئتان، وقيل: مئتان وأربعون، وقيل غير ذلك، وأمر هرقل أمراءَه بالاجتماع وأن ينزلوا منزلاً واسع المُطَّرَد ضيق المهرب، ووعدهم بأن يُمدَّهم، فنزلوا عند الواقوصة على ضفة اليرموك، فصار واديه خندقاً لهم، وتقدَّم المسلمون فنزلوا بإزائهم، وكل أمير من أمراء المسلمين على جيشه، فأشار عليهم خالد أن يجتمعوا وأن يتناوبوا على الإمارة كل يوم واحد.
وطلب أن تكون له إمارتهم هذا اليوم فأقروه، فخرجت الروم في تعبية لم يرَ الراؤون مثلها قط، وخرج خالد في تعبية لم تعبِّها العرب قبل ذلك، فخرج في ستة وثلاثين كردوساً (الكردوس: الكتيبة) إلى الأربعين وقال: «إنّ عدوكم قد كَثُر وطغى، وليس من التعبية تعبية أكثر في رأي العين من الكراديس»، فجعل القلب كراديس بقيادة أبي عبيدة والميمنة كراديس وعليها عمرو بن العاص، وفيها شرحبيل بن حسنة، وجعل الميسرة كراديس وعليها يزيد بن أبي سفيان، وعلى كل كردوس قائد، وهؤلاء القادة يأتمرون بأمر قادة القلب والميسرة والميمنة، والقيادة العليا لخالد ابن الوليد الذي أمر عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي، وكانا على مجنبتي القلب أن ينشبا القتال، فأنشباه والتحم الجيشان، وفي أثناء القتال قدم بريد من المدينة، فتلقاه بعض الناس، فأخبرهم أن الأمداد قادمة، وإنما جاء بنعي أبي بكر وبتأمير أبي عبيدة بن الجراح وعزل خالد ليكون أحد الأمراء، فلما وصل إلى خالد أخبره بما قال للناس، فقال «أحسنت»، وجعل الكتاب في كنانته، وخاف أن ينتشر خبر وفاة أبي بكر، فيوهن من عزيمة الجند، وخرج أحد قادة الروم يقال له (جرجة) بين الصفّين وطلب لقاء خالد فلقيه وجرى بينهما حديث أسلم جرجة على أثره، ثم شارك في القتال إلى جانب المسلمين حتى قُتل، وتضعضع الروم، ونهد خالد بالقلب حتى كان بين خيلهم ورجالتهم، فلما رأى المسلمون خيل الروم توجهت للهرب أفرجوا لها، فتفرقت في البلاد، وأقبل خالد على رجالتهم، وكانوا ثمانين ألفاً، قد اقترنوا بالسلاسل، كل عشرة في سلسلة، فانهزموا نحو الخندق (الوادي)، فكان إذا هوى من خالف منهم يهوي معه الباقون، فتاهفت في الواقوصة مئة وعشرون ألفاً، الثمانون الذين اقترنوا بالسلاسل وأربعون سواهم، غير من قتل في المعركة،وكان منهم (تذارق). وقتل من المسلمين نحو ثلاثة آلاف، منهم عكرمة وعمرو بن عكرمة وسلم بن هشام المخزوميون، وعمرو وأبان ابنا سعيد بن العاص، وطليب بن عمير وهشام بن العاص، وغيرهم.
وذكر أن النساء قاتلن ذلك اليوم، وممن قاتلن جويرية بنت أبي سفيان، فأصيبت بعد قتال شديد، وأصيبت عين أبي سفيان يومئذ فيمن أصيبت أعينهم، وفي رواية سيف بن عمر عن أبي عثمان بن أسيد الغساني أنه شهد اليرموك ألف من أصحاب رسول الله فيهم نحو من مئة من أهل بدر، ومن السُنَّة التي سنَّ رسول الله بعد بدر أن تُقرأ سورة الجهاد عند اللقاء وهي الأنفال، ولم يزل الناس بعد ذلك على ذلك.
أما الواقدي فأورد كلاماً طويلاً، ذكر فيه أن هرقل كان عقد ألوية الجيوش لـ(قناطر) ملك الروس، وضم إليه الصقالبة والسلاف وغيرهم و لـ (جرجير) ملك عمورية، وضم إليه الروم وغيرهم وفيهم الذين تسلسلوا في اليرموك، ولـ(ديرجان) صاحب القسطنطينية، وضم إليه الإفرنج وغيرهم، ولـ(ماهان) ملك الأرمن، وجعله أميراً عاماً على الجيوش، وجعل جبلة بن الأيهم الغساني على ستين ألفاً من العرب المتنصِّرة مقدمة لجيش ماهان، وذكر أن وقعة اليرموك كانت في عدة أيام غير متواصلة، مع تفصيل ما جرى في كل يوم، وأفاد باحث عسكري مما ورد في «فتوح الشام» المنسوب للواقدي وما ورد في مصادر أخرى في كتاب له عن «خالد بن الوليد»، فوصف هذه المعركة وصفاً عسكرياً ممتعاً بعد أن زار ميدان المعركة وفحصها فحصاً دقيقاً، وتحدَّث عن سهل اليرموك ووادي نهر اليرموك ورافديه (وادي الرقّاد) و(وادي العلاّن) وشدة انحدارهما وخطورتهما، وذكر أن هنالك تلاًّ مهماً في سهل اليرموك يسيطر على المنطقة المحيطة به، وهو الذي صار يسمى (تل الجموع) إلى الجنوب الغربي من (نوى)، ورأى بناء على خبرته العسكرية وما ذكره الواقدي وغيره أن الوقعة حدثت سنة 15هـ، وأن ماهان وزَّع جيوشه أمام (وادي العلاّن)، فوضع في الميمنة جيش (جرجير)، وقد تسلسل رجاله بالسلاسل كل عشرة ، وكانوا من جهة اليرموك، وفي الميسرة جيش (قناطر)، وفي القلب جيشه من (الأرمن) وجيش (ديرجان)، وجعلهما بقيادة (ديرجان)، ولماهان القيادة العامة، ووزع الخيالة بالتساوي بينهما، وجعلها خلف المشاة (الرجالة)، وجعل جيش جبلة بن الأيهم في خط المواجهة، وجعل الجميع على ثلاثين صفاً.
وقد أرفق الباحث العسكري بحثه بثماني خرائط موضحاً فيها ترتيب الجيوش الإسلامية والرومية في الأيام التي حدثت فيها المعركة، وما كان في اليوم التالي للوقعة، وكيف لحق خالد مع فرقة من المسلمين بماهان ومن فرّ معه، فأدركوهم عند دمشق، فقتل ماهان، وبلغ هرقل ما أصابهم، ففر من أنطاكية إلى القسطنطينية، وقال: «أما الشام؛ فلا شام».
خاتمة عن معركة اليرموك
ثمة أمور تاريخية تتعلق بوقعة اليرموك، منها اختلاف المؤرخين في بعض الحوادث، كزمن وقعة اليرموك واستشهاد من استُشهد ووصول الكتاب بنبأ وفاة أبي بكر وعدد الجيوش وأسماء قادة الروم، كما أن مؤرخي الروم أغفلوا ذكر فتوح الشام إغفالاً شبه تام، فغابت أمورهم عند مؤرخي المسلمين.
ملخص معركة اليرموك باختصار :
معركة اليرموك كانت سنة(15هـ - 636 م) بين العرب المسلمين والإمبراطورية البيزنطية،تعتبر من أهم المعارك في تاريخ العالم لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، وآذنت لتقدم الإسلام السريع في بلاد الشام.
المعركة حدثت بعد وفاة الرسول عام 632م بأربع سنوات.
المعركة وقعت في في شمال الأردن بالقرب من نهر اليرموك
التاريخ : 20 أغسطس 636
الموقع : في شمال الأردن قرب نهر اليرموك
النتيجة : انتصار المسلمين
القوات البيزانطية :
غريغوري ،
ماهان ،
جبلة بن الأيهم ،
قناطير ،
قسطنطين ابن القيصر هرقل ودريجان و(تيودور شقيق القيصر
تقديرات عدد القوات : 240,000
الخسائر : 70-100 ألف
قوات المسلمين :
خالد بن الوليد
أبو عبيدة بن الجراح
يزيد بن أبي سفيان
شرحبيل بن حسنة،
عمرو بن العاص
قيس بن حبيرة
تقديرات عدد القوات 40,000
الخسائر : 4 آلاف