فتاة شقية
01-07-2018, 01:13 PM
https://www.kalimat1.com/upload/uploads/1515320001691.gif
كلمة وفقرة عن فنون العمل , مقدمة و خاتمة عن التعامل مع الاخرين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ الذي ﴿ خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾، وأوجبَ صِلة الأرحام وأعظمَ في ذلك أجرًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أعظم الناس قدرًا، وأرفعهم ذكرًا، وأوصلهم رحمًا. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قاموا بالحق وكانوا به أحرى. وعلى التابعين له بإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
الحوار كثيرًا ما نمارسه في حياتنا اليومية مع الأصدقاء والأهل والزملاء.. ولكن هل نتقن فن الحوار وآدابه؟..
من هذا اليوم (...........) الموافق (...........) من شهر (...........) لعام (...........) يسرنا أن نخصص الحديث عن الحوار.
ونبدأ معكم بالقرآن الكريم:
القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴾ [الصف: 9 - 14].
ثاني فقراتنا الحديث الشريف:
الحديث
((أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِأَحَبّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللهِ. فَقَالَ "إِنّ أَحَبّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللهِ، سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ)) رواه مسلم.
ونصل معكم أيها الإخوة الكرام إلى كلمتنا الصباحية بعنوان:
فن الإقناع
مخاطبة العقول والقلوب فن لا يجيده إلا من يمتلك أدواته، وإذا اجتمعت مع مناسبة الظرف الزماني والمكاني أثرت تأثيرًا بالغًا، ووصلت الفكرة بسرعة البرق. وهكذا كانت طريقة القرآن في تلمس حاجات الوجدان، وأيضًا من عوامل نجاح الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في إقناع الناس برسالتهم، وما عليك إلا أن تتأمل في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لتستلهم منها كنوزًا في فقه الدعوة، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة».
ووصولاً إلى تحقيق الهدف من الدعوة، فإن ما تحسن العناية الشديدة به نشر ثقافة الإقناع، وفنون الحوار، وفن الاستماع، وتقمص شخصية الآخر، في محاولة لفهم دوافع موقفه.. وهذا لا يعني - بطبيعة الحال - الدخول في أي حوار وطرح القضايا الشرعية للاستفتاء العام لأن هذا يدل على شخصية ضعيفة وانهزام أمام ضغط الواقع.
إن هناك من يخاطب الناس على أنهم فئة واحدة، أو أن لديهم القناعات نفسها التي لديه؛ ولذا تراه يخاطب نفسه في آخر الأمر. وأرى أن الشباب - مثلاً - بحاجة إلى من يجيبهم عن كثير من الأسئلة الملحة، التي تواجههم بطريقة تناسب تفكيرهم، وتتعامل بشكل صحيح مع المنطلقات الفكرية التي تربوا عليها، وتحتاج أن نقوم بدراسات لمعرفة أكثر الأساليب تأثيرًا عليهم. إن الدورات التي تتناول مهارات الاتصال، وفنون الحوار والإقناع وطرق التأثير، متوافرة على شكل كتب أو أشرطة سمعية ومرئية، فقط تحتاج من المربي أو الداعية أن يوجه اهتمامه إليها، ويعنى بتقوية الخير والعلم الذي يحمله بهذه المهارات البالغة التأثير على القلوب. لدينا من الخطباء والمحاضرين من استطاع أن يصل إلى شريحة كبيرة من الناس، بسبب حرصه على العناية بهذه المهارات، التي ربما تكون عند البعض فطرية، وعند الآخرين تحتاج إلى تنمية.
كما أقدم اقتراحًا بإنشاء مراكز ثقافية، تقدم دورات في فن التأثير على الآخرين، وفن الخطابة، وأصول الحوار، ووسائل الإقناع، وفن التعامل مع المخالف. كما تقدم دورات في فن كتابة المقال الدعوي وهكذا. وتكون هذه الدورات مجانية أو برسوم رمزية، وتكون متاحة على مدار العام، ويستفيد منها المهتمون بأمور الدعوة من خطباء ومحاضرين، ومن خلالها - أيضًا - تدفع المراكز إلى الساحة شبابًا مثقفًا، يبادر إلى ابتكار وسائل جديدة، لإيصال العقيدة والعلم والفكر الصحيح إلى جمهور الناس، على اختلاف شرائحهم.
وإليك نموذجًا نبويًا يتعلق بهذا الموضوع أورده سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فأخذ منها غصنًا يابسًا، فهزه حتى تحات ورقه (أي سقط) فقال: يا سلمان: ألا تسألني لم أفعل هذا؟ قُلْتُ : ولِمَ تَفْعَلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ " أَحْسَبُهُ قَالَ : " فِي جَمَاعَةٍ " تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [سورة هود: 114]. لقد كان ضرب المثل الحي وسيلة عظيمة لتوصيل القناعة وترسيخ المفهوم.
إن تعلم تعبيرات الوجه، والعناية بنظرات العين، والاهتمام بالمظهر، ربما يمثل نصف الطريق نحو إقناع الآخرين.
ونختم إذاعة اليوم بهذه الفقرة:
كن متميزًا
يقول الشيخ: محمد العريفي - حفظه الله -:
لماذا يتحاور اثنان في مجلس فينتهي حوارهما بخصومة؟ بينما يتحاور آخران وينتهي الحوار بأُنسٍ ورِضا، إنها مهارات الحوار.
لماذا يخطب اثنان الخطبة نفسها بألفاظها نفسها، فترى الحاضرين عند الأول ما بين متثائب ونائم، أو عابث بسجاد المسجد، أو مغير لجلسته مرارًا؟
بينما الحاضرون عند الثاني مُنشَدُّونَ متفاعلون، لا تكاد ترمش لهم عينٌ أو يَغفُلُ لهم قلب؟.. إنها مهارات الإلقاء.
لماذا إذا تحدث فلان في المجلس أنصت له السامعون، ورموا إليه أبصارهم؟.
بينما إذا تحدث آخر انشغل الجالسون بالأحاديث الجانبية أو قراءة الرسائل من هواتفهم المحمولة.
إنها مهارات الكلام.
لماذا إذا مشى مدرس في ممرات مدرسته رأيت الطلاب حوله، هذا يصافحه، وذاك يستشيره، وثالث يعرض عليه مشكلة، ولو جلس في مكتبه وسمح للطلاب بالدخول لامتلأت غرفته في لحظات؛ الكل يحب مجالسته.
بينما مدرس آخر، أو مدرسون، يمشي أحدهم في مدرسته وحده، ويخرج من مسجد المدرسة وحده؛ فلا طالب يقترب مبتهجًا مصافحًا، أو شاكيًا مستشيرًا، ولو فتح مكتبه من طلوع الشمس إلى غروبها، وآناء الليل وأطراف النهار، لما اقترب منه أحد أو رغب في مجالسته .. لماذا؟!!
إنها مهارات التعامل مع الناس.
لماذا إذا دخل شخص إلى مجلس عامٍّ هش الناس في وجهه وبشوا، وفرحوا بلقائه، وود كل واحد لو يجلس بجانبه.
بينما يدخل آخر؛ فيصافحونه مصافحة باردة - عادة أو مجاملة -
ثم يتلفت يبحث له عن مكان فلا يكاد أحد يوسع له، أو يدعوه للجلوس إلى جانبه .. لماذا؟!!
إنها مهارات جذب القلوب والتأثير في الناس.
لماذا يدخل أب إلى بيته فيهش أولاده له، ويقبلون إليه فرحين، بينما يدخل الثاني على أولاده فلا يلتفتون إليه.
إنها مهارات التعامل مع الأبناء.
قل مثل ذلك في المسجد، وفي الأعراس، وغيرها.
يختلف الناس بقدراتهم ومهاراتهم في التعامل مع الآخرين، وبالتالي يختلف الآخرون في طريقة الاحتفاء بهم أو معاملتهم.
والتأثير في الناس وكسب محبتهم أسهل مما تتصور!
لا أبالغ في ذلك فقد جربته مرارًا، فوجدت أن قلوب أكثر الناس يمكن صيدها بطرق ومهارات سهلة؛ بشرط أن نصدق فيها، ونتدرب عليها، فنتقنها.
والناس يتأثرون بطريقة تعاملنا، وإن لم نشعر.
أتولى منذ ثلاث عشرة سنة الإمامة والخطابة في جامع الكلية الأمنية، كان طريقي إلى المسجد يمر ببوابة، يقف عندها حارس أمن، يتولى فتحها وإغلاقها.
كنت أحرص إذا مررت به أن أمارس معه مهارة الابتسامة، فأشير بيدي مسلمًا مبتسمًا ابتسامة واضحة، وبعد الصلاة أركب سيارتي راجعًا للبيت، وفي الغالب يكون هاتفي المحمول مليئًا باتصالات ورسائل مكتوبة، وردت في أثناء الصلاة، فأكون مشغولاً بقراءة الرسائل، فيفتح الحارس البوابة، وأغفل عن التبسم؛ حتى تفاجأت به يومًا يوقفني وأنا خارج ويقول: يا شيخ ..! أنت زعلان مني؟!
قلت: لماذا؟
قال: لأنك، وأنت داخل، تبتسم وتسلم، وأنت فرحان، أما وأنت خارج فتكون غير مبتسم ولا فرحان!!
وكان رجلاً بسيطًا؛ فبدأ المسكين يقسم لي أنه يحبني ويفرح برؤيتي، فاعتذرت منه، وبينت له سبب انشغالي، ثم انتبهت فعلاً إلى أن هذه المهارات - مع تعودنا عليها - تصبح من طبعنا يلاحظها الناس إذا غفلنا عنها.
ختامًا: نوصي الجميع بأهمية الأدب في الحوار، مع اللباقة والإقناع، والبعد عن الفظاظة والغلظة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمة وفقرة عن فنون العمل , مقدمة و خاتمة عن التعامل مع الاخرين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ الذي ﴿ خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾، وأوجبَ صِلة الأرحام وأعظمَ في ذلك أجرًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أعظم الناس قدرًا، وأرفعهم ذكرًا، وأوصلهم رحمًا. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين قاموا بالحق وكانوا به أحرى. وعلى التابعين له بإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
الحوار كثيرًا ما نمارسه في حياتنا اليومية مع الأصدقاء والأهل والزملاء.. ولكن هل نتقن فن الحوار وآدابه؟..
من هذا اليوم (...........) الموافق (...........) من شهر (...........) لعام (...........) يسرنا أن نخصص الحديث عن الحوار.
ونبدأ معكم بالقرآن الكريم:
القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴾ [الصف: 9 - 14].
ثاني فقراتنا الحديث الشريف:
الحديث
((أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِأَحَبّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللهِ. فَقَالَ "إِنّ أَحَبّ الْكَلاَمِ إِلَىَ اللهِ، سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ)) رواه مسلم.
ونصل معكم أيها الإخوة الكرام إلى كلمتنا الصباحية بعنوان:
فن الإقناع
مخاطبة العقول والقلوب فن لا يجيده إلا من يمتلك أدواته، وإذا اجتمعت مع مناسبة الظرف الزماني والمكاني أثرت تأثيرًا بالغًا، ووصلت الفكرة بسرعة البرق. وهكذا كانت طريقة القرآن في تلمس حاجات الوجدان، وأيضًا من عوامل نجاح الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - في إقناع الناس برسالتهم، وما عليك إلا أن تتأمل في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لتستلهم منها كنوزًا في فقه الدعوة، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة».
ووصولاً إلى تحقيق الهدف من الدعوة، فإن ما تحسن العناية الشديدة به نشر ثقافة الإقناع، وفنون الحوار، وفن الاستماع، وتقمص شخصية الآخر، في محاولة لفهم دوافع موقفه.. وهذا لا يعني - بطبيعة الحال - الدخول في أي حوار وطرح القضايا الشرعية للاستفتاء العام لأن هذا يدل على شخصية ضعيفة وانهزام أمام ضغط الواقع.
إن هناك من يخاطب الناس على أنهم فئة واحدة، أو أن لديهم القناعات نفسها التي لديه؛ ولذا تراه يخاطب نفسه في آخر الأمر. وأرى أن الشباب - مثلاً - بحاجة إلى من يجيبهم عن كثير من الأسئلة الملحة، التي تواجههم بطريقة تناسب تفكيرهم، وتتعامل بشكل صحيح مع المنطلقات الفكرية التي تربوا عليها، وتحتاج أن نقوم بدراسات لمعرفة أكثر الأساليب تأثيرًا عليهم. إن الدورات التي تتناول مهارات الاتصال، وفنون الحوار والإقناع وطرق التأثير، متوافرة على شكل كتب أو أشرطة سمعية ومرئية، فقط تحتاج من المربي أو الداعية أن يوجه اهتمامه إليها، ويعنى بتقوية الخير والعلم الذي يحمله بهذه المهارات البالغة التأثير على القلوب. لدينا من الخطباء والمحاضرين من استطاع أن يصل إلى شريحة كبيرة من الناس، بسبب حرصه على العناية بهذه المهارات، التي ربما تكون عند البعض فطرية، وعند الآخرين تحتاج إلى تنمية.
كما أقدم اقتراحًا بإنشاء مراكز ثقافية، تقدم دورات في فن التأثير على الآخرين، وفن الخطابة، وأصول الحوار، ووسائل الإقناع، وفن التعامل مع المخالف. كما تقدم دورات في فن كتابة المقال الدعوي وهكذا. وتكون هذه الدورات مجانية أو برسوم رمزية، وتكون متاحة على مدار العام، ويستفيد منها المهتمون بأمور الدعوة من خطباء ومحاضرين، ومن خلالها - أيضًا - تدفع المراكز إلى الساحة شبابًا مثقفًا، يبادر إلى ابتكار وسائل جديدة، لإيصال العقيدة والعلم والفكر الصحيح إلى جمهور الناس، على اختلاف شرائحهم.
وإليك نموذجًا نبويًا يتعلق بهذا الموضوع أورده سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فأخذ منها غصنًا يابسًا، فهزه حتى تحات ورقه (أي سقط) فقال: يا سلمان: ألا تسألني لم أفعل هذا؟ قُلْتُ : ولِمَ تَفْعَلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ " أَحْسَبُهُ قَالَ : " فِي جَمَاعَةٍ " تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [سورة هود: 114]. لقد كان ضرب المثل الحي وسيلة عظيمة لتوصيل القناعة وترسيخ المفهوم.
إن تعلم تعبيرات الوجه، والعناية بنظرات العين، والاهتمام بالمظهر، ربما يمثل نصف الطريق نحو إقناع الآخرين.
ونختم إذاعة اليوم بهذه الفقرة:
كن متميزًا
يقول الشيخ: محمد العريفي - حفظه الله -:
لماذا يتحاور اثنان في مجلس فينتهي حوارهما بخصومة؟ بينما يتحاور آخران وينتهي الحوار بأُنسٍ ورِضا، إنها مهارات الحوار.
لماذا يخطب اثنان الخطبة نفسها بألفاظها نفسها، فترى الحاضرين عند الأول ما بين متثائب ونائم، أو عابث بسجاد المسجد، أو مغير لجلسته مرارًا؟
بينما الحاضرون عند الثاني مُنشَدُّونَ متفاعلون، لا تكاد ترمش لهم عينٌ أو يَغفُلُ لهم قلب؟.. إنها مهارات الإلقاء.
لماذا إذا تحدث فلان في المجلس أنصت له السامعون، ورموا إليه أبصارهم؟.
بينما إذا تحدث آخر انشغل الجالسون بالأحاديث الجانبية أو قراءة الرسائل من هواتفهم المحمولة.
إنها مهارات الكلام.
لماذا إذا مشى مدرس في ممرات مدرسته رأيت الطلاب حوله، هذا يصافحه، وذاك يستشيره، وثالث يعرض عليه مشكلة، ولو جلس في مكتبه وسمح للطلاب بالدخول لامتلأت غرفته في لحظات؛ الكل يحب مجالسته.
بينما مدرس آخر، أو مدرسون، يمشي أحدهم في مدرسته وحده، ويخرج من مسجد المدرسة وحده؛ فلا طالب يقترب مبتهجًا مصافحًا، أو شاكيًا مستشيرًا، ولو فتح مكتبه من طلوع الشمس إلى غروبها، وآناء الليل وأطراف النهار، لما اقترب منه أحد أو رغب في مجالسته .. لماذا؟!!
إنها مهارات التعامل مع الناس.
لماذا إذا دخل شخص إلى مجلس عامٍّ هش الناس في وجهه وبشوا، وفرحوا بلقائه، وود كل واحد لو يجلس بجانبه.
بينما يدخل آخر؛ فيصافحونه مصافحة باردة - عادة أو مجاملة -
ثم يتلفت يبحث له عن مكان فلا يكاد أحد يوسع له، أو يدعوه للجلوس إلى جانبه .. لماذا؟!!
إنها مهارات جذب القلوب والتأثير في الناس.
لماذا يدخل أب إلى بيته فيهش أولاده له، ويقبلون إليه فرحين، بينما يدخل الثاني على أولاده فلا يلتفتون إليه.
إنها مهارات التعامل مع الأبناء.
قل مثل ذلك في المسجد، وفي الأعراس، وغيرها.
يختلف الناس بقدراتهم ومهاراتهم في التعامل مع الآخرين، وبالتالي يختلف الآخرون في طريقة الاحتفاء بهم أو معاملتهم.
والتأثير في الناس وكسب محبتهم أسهل مما تتصور!
لا أبالغ في ذلك فقد جربته مرارًا، فوجدت أن قلوب أكثر الناس يمكن صيدها بطرق ومهارات سهلة؛ بشرط أن نصدق فيها، ونتدرب عليها، فنتقنها.
والناس يتأثرون بطريقة تعاملنا، وإن لم نشعر.
أتولى منذ ثلاث عشرة سنة الإمامة والخطابة في جامع الكلية الأمنية، كان طريقي إلى المسجد يمر ببوابة، يقف عندها حارس أمن، يتولى فتحها وإغلاقها.
كنت أحرص إذا مررت به أن أمارس معه مهارة الابتسامة، فأشير بيدي مسلمًا مبتسمًا ابتسامة واضحة، وبعد الصلاة أركب سيارتي راجعًا للبيت، وفي الغالب يكون هاتفي المحمول مليئًا باتصالات ورسائل مكتوبة، وردت في أثناء الصلاة، فأكون مشغولاً بقراءة الرسائل، فيفتح الحارس البوابة، وأغفل عن التبسم؛ حتى تفاجأت به يومًا يوقفني وأنا خارج ويقول: يا شيخ ..! أنت زعلان مني؟!
قلت: لماذا؟
قال: لأنك، وأنت داخل، تبتسم وتسلم، وأنت فرحان، أما وأنت خارج فتكون غير مبتسم ولا فرحان!!
وكان رجلاً بسيطًا؛ فبدأ المسكين يقسم لي أنه يحبني ويفرح برؤيتي، فاعتذرت منه، وبينت له سبب انشغالي، ثم انتبهت فعلاً إلى أن هذه المهارات - مع تعودنا عليها - تصبح من طبعنا يلاحظها الناس إذا غفلنا عنها.
ختامًا: نوصي الجميع بأهمية الأدب في الحوار، مع اللباقة والإقناع، والبعد عن الفظاظة والغلظة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته